أهمية اللبأ (السرسوب) للعجول الرضيعة: دليل شامل لمربي الأبقار

أهمية اللبأ (السرسوب) للعجول الرضيعة: دليل شامل لمربي الأبقار


تعتبر تربية العجول الرضيعة من أهم مراحل الإنتاج الحيواني في مزارع الأبقار، حيث تشكل الأساس لصحة القطيع وجودته الإنتاجية في المستقبل. ومن بين العوامل الحيوية التي تؤثر بشكل مباشر على صحة العجول منذ ولادتها هو اللبأ (السرسوب)، ذلك السائل الذهبي الذي تنتجه البقرة خلال الساعات الأولى بعد الولادة.


في هذه المقالة، سنتناول أهمية اللبأ (السرسوب) للعجول الرضيعة من كافة الجوانب، موضحين مكوناته، فوائده، توقيت إعطائه، الطرق المثلى لتخزينه وتقديمه، وأخطاء المربين الشائعة. تابع القراءة لتتعرف على أسرار هذا الإكسير الطبيعي الذي لا غنى عنه في بداية حياة العجل.



ما هو اللبأ (السرسوب)؟


اللبأ، المعروف أيضًا بـ"السرسوب"، هو أول حليب تفرزه البقرة بعد الولادة. حيث يختلف بشكل كبير عن الحليب العادي من حيث:

- اللون: أصفر مائل إلى الذهبي.

- القوام: أكثر كثافة.

- التركيب الغذائي: غني بالبروتينات، الأجسام المناعية، الفيتامينات، المعادن، والدهون.


يتم إنتاج اللبأ خلال أول 24 إلى 72 ساعة بعد الولادة، ويقل محتواه الغذائي تدريجيًا ليتحول إلى الحليب الطبيعي.



 مكونات اللبأ الحيوية :


يتميز اللبأ، أو ما يُعرف بالسرسوب، بتركيبته الغنية والمتميزة التي تجعله غذاءً لا يُقدّر بثمن للعجول حديثة الولادة. حي يحتوي اللبأ على مجموعة من المكونات الحيوية الأساسية، في مقدمتها الأجسام المناعية، والتي تلعب دورًا محوريًا في تعزيز مناعة العجل ضد الأمراض خلال الأيام الأولى من حياته. كما يضم نسبة عالية من البروتينات، وخصوصًا البروتينات المناعية التي لا تتوفر بنفس التركيز في الحليب العادي. ويحتوي اللبأ كذلك على الفيتامينات الذائبة في الدهون مثل فيتامين A وD وE، بالإضافة إلى الأملاح المعدنية كالكالسيوم، الفسفور، والمغنيسيوم. ولا يمكن إغفال وجود العوامل النمائية مثل IGF وEGF، التي تساعد في نمو وتطور الجهاز الهضمي وتسريع نضجه. كل هذه العناصر مجتمعة تجعل من اللبأ وجبة متكاملة حيوية تضمن للعجل بداية صحية وقوية.



 لماذا يُعد اللبأ مهمًا جدًا للعجول الرضيعة؟


 1. مصدر المناعة الأول

عند الولادة، يكون جهاز المناعة لدى العجل غير مكتمل، حيث لا تنتقل الأجسام المناعية من الأم إلى الجنين عبر المشيمة. لذلك، يعتمد العجل بشكل كامل على اللبأ للحصول على المناعة السلبية التي تحميه من الأمراض خلال الأسابيع الأولى.



2. الوقاية من الأمراض المعدية

تناول العجل للبأ في الوقت المناسب وبالكمية الكافية يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بأمراض شائعة مثل:

- الإسهال البكتيري والفيروسي

- التهابات الجهاز التنفسي

- تسمم الدم



 3. تحفيز عمل الجهاز الهضمي

يحتوي اللبأ على إنزيمات وعوامل حيوية تساعد على:

- تحفيز الأمعاء

- تحسين امتصاص العناصر الغذائية

- تعزيز نمو البكتيريا النافعة



4. تسريع النمو

العجول التي تحصل على كفايتها من اللبأ تنمو بشكل أسرع، وتصل إلى مراحل الفطام والنضج بشكل أفضل، مما ينعكس على أدائها المستقبلي في إنتاج الحليب أو اللحوم.



 توقيت إعطاء اللبأ: عامل حاسم


 متى يجب إرضاع العجل اللبأ؟

الساعة الذهبية بعد الولادة هي أول ساعتين، حيث تكون قدرة الأمعاء على امتصاص الأجسام المناعية في ذروتها. بعد 6 ساعات تقل هذه القدرة بشكل كبير، وتصبح شبه معدومة بعد 24 ساعة.



الجرعة المثالية:

- خلال أول ساعتين: 2 إلى 4 لتر من اللبأ عالي الجودة.

- خلال الـ 12 ساعة الأولى: يُنصح بإرضاع العجل **10% من وزنه الحي** خلال اليوم الأول.



عدد الوجبات :

- اليوم الأول: 2-3 وجبات من اللبأ.

- بعد اليوم الثاني: يتم التحول التدريجي إلى الحليب أو البدائل.



 جودة اللبأ: كيف نقيّمها؟


ليست كل أنواع اللبأ متساوية من حيث الجودة. لتقييم جودة اللبأ، يمكن استخدام:



1. جهاز الكولستروميتر (Colostrometer)

يقيس تركيز الأجسام المناعية (IgG)، ويتم تصنيف اللبأ إلى:

- أخضر: جودة عالية

- أصفر: جودة متوسطة

- أحمر: جودة ضعيفة



 2. الريفراكتومتر (Brix refractometer)

- إذا كانت القراءة ≥ 22%، يعتبر اللبأ ممتازًا.



كيفية تخزين اللبأ بشكل صحيح


1. التبريد

- المدة: حتى 24 ساعة.

- درجة الحرارة: من 2 إلى 4 درجات مئوية.



2. التجميد

- يُمكن تجميد اللبأ في أكياس أو زجاجات محكمة الإغلاق.

- المدة: حتى 6 شهور.

- إذابة اللبأ: في ماء دافئ لا يتجاوز 40 درجة مئوية للحفاظ على الأجسام المناعية.



طريقة تقديم اللبأ للعجول :


1. الرضاعة الطبيعية من الأم

- طريقة طبيعية، لكنها لا تضمن معرفة الكمية أو جودة اللبأ بدقة.


2. الرضاعة اليدوية باستخدام الزجاجة أو الدلو

- تسمح بالتحكم في الكمية والوقت.


3. استخدام أنبوب المعدة (Tube feeding)

- تُستخدم في حال عدم قدرة العجل على الرضاعة بنفسه.




أخطاء شائعة في إعطاء اللبأ


من أكثر الأخطاء شيوعًا عند تقديم اللبأ للعجول الرضيعة هو التأخير في أول رضعة، حيث يجب أن يُعطى اللبأ خلال أول ساعتين بعد الولادة، لأن امتصاص الأجسام المناعية يكون في أعلى مستوياته خلال هذه الفترة. كما يُخطئ البعض في كمية اللبأ المقدمة، فإعطاء كمية قليلة لا يضمن حصول العجل على الكمية الكافية من الأجسام المضادة، بينما الإفراط قد يسبب مشاكل هضمية. ومن الأخطاء الشائعة أيضًا عدم فحص جودة اللبأ، إذ قد يحتوي أحيانًا على نسبة منخفضة من الأجسام المناعية، مما يجعله غير كافٍ لحماية العجل. ويُضاف إلى ذلك تقديم اللبأ بدرجة حرارة غير مناسبة أو ملوثًا بالبكتيريا نتيجة سوء التخزين أو التقديم، مما قد يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة للعجل الرضيع.



 هل يمكن استخدام بدائل اللبأ؟


في بعض الحالات، قد لا يتوفر اللبأ الطبيعي، مثل:


- نفوق الأم

- جودة اللبأ ضعيفة

- أمراض معدية


في هذه الحالات، يمكن اللجوء إلى **بدائل اللبأ الصناعية** بشرط أن تكون:


- غنية بالأجسام المناعية (IgG)

- معتمدة من شركات موثوقة

- ذات تركيبة متوازنة


لكن يبقى اللبأ الطبيعي هو الأفضل دائمًا إذا كان متاحًا وجيد الجودة.



علاقة اللبأ بمستقبل العجل الإنتاجي:


تشير الأبحاث إلى أن العجول التي تحصل على كفايتها من اللبأ خلال أول 12 ساعة:


- تنمو بمعدل أسرع بنسبة 25%

- تقل إصابتها بالأمراض بنسبة 50%

- تكون أكثر قدرة على إنتاج الحليب أو اللحوم لاحقًا




 نصائح للمربين: كيف تضمن استفادة العجل من اللبأ؟


1. راقب البقرة الأم وقت الولادة، وتدخل بسرعة.

2. جهّز أدوات الرضاعة النظيفة مسبقًا.

3. احفظ اللبأ الزائد في الفريزر للطوارئ.

4. استخدم أدوات قياس الجودة لتحديد مدى صلاحية اللبأ.

5. لا تؤخر الرضاعة أبدًا – الوقت مهم جدًا.




اللبأ (السرسوب) ليس مجرد حليب، بل هو خط الدفاع الأول، ومصدر الحياة الأساسي للعجل الرضيع. إن العناية بهذه المرحلة الحساسة من حياة العجل لا تضمن فقط نجاته، بل تمهد الطريق لنمو سليم، وإنتاجية عالية، واقتصادية مربحة لمربي الأبقار.


سواء كنت مربيًا مبتدئًا أو محترفًا، لا تستخف بأهمية اللبأ، فهو أساس النجاح في تربية العجول وصحة القطيع ككل.

المقال التالي المقال السابق