كمية الحليب اللازمة للعجول الرضيعة حتى سن الفطام: دليل شامل للمربين لتحقيق أفضل نمو صحي للعجول

كمية الحليب اللازمة للعجول الرضيعة حتى سن الفطام: دليل شامل للمربين لتحقيق أفضل نمو صحي للعجول


تُعد مرحلة الرضاعة في حياة العجل من أكثر المراحل حساسية وتأثيرًا على مستقبله الإنتاجي، سواء كان مخصصًا للتسمين أو التربية. فنجاح هذه المرحلة يعني تأسيس جهاز مناعي قوي، وأمعاء سليمة، ونمو عضلي متوازن، مما ينعكس لاحقًا على سرعة النمو، وكفاءة التحويل الغذائي، وحتى مقاومة الأمراض.


رغم بساطة الأمر في نظر البعض، إلا أن تحديد كمية الحليب المناسبة للعجل الرضيع حسب عمره ووزنه هو علم قائم بذاته، يعتمد على عدة عوامل مثل سلالة العجل، درجة الحرارة، نوع الحليب المقدم (طبيعي أو بديل)، إضافة إلى برنامج الفطام المتبع. أي خطأ في هذه المرحلة – سواء بالزيادة أو النقصان – قد يؤدي إلى مشاكل هضمية، إسهالات، أو ضعف عام في النمو.


في هذا الدليل الشامل، سنقدّم للمربين أفضل برنامج مُجَرَّب لتغذية العجول بالحليب منذ اليوم الأول وحتى لحظة الفطام، مع شرح مفصل لأهمية كل أسبوع، ونصائح مهنية لتجنب الأخطاء الشائعة، بالإضافة إلى مقارنة بين أنظمة التغذية المختلفة، وكيفية إدخال الأعلاف تدريجيًا لضمان فطام سهل وسلس.



 أولًا: لماذا تُعتبر كمية الحليب الصحيحة أساس نجاح مشروع تربية العجول؟


من الناحية العلمية، يولد العجل بجهاز هضمي بسيط لا يستطيع هضم الأعلاف الليفية أو الحبوب، بل يعتمد بشكل كامل على الحليب كمصدر للطاقة والبروتينات والدهون. وخلال الأسابيع الأولى، يكون اللبن مسؤولًا أيضًا عن بناء المناعة، خصوصًا في حال تقديم اللبأ (السرسوب) بشكل صحيح خلال أول 6 ساعات بعد الولادة.


أي حرمان من الحليب خلال هذه الفترة أو تقديم كميات أقل من المطلوب يؤدي إلى:


✔️ انخفاض معدل النمو اليومي.

✔️ ضعف الاستجابة للقاحات والعلاجات.

✔️ زيادة قابلية الإصابة بالإسهالات والالتهابات المعوية.

✔️ تأخر الفطام وصعوبة الانتقال إلى الأعلاف.


في المقابل، فإن زيادة كمية الحليب أكثر من اللازم قد تسبب:


✔️ تخمرات معوية.

✔️ سمنة غير مرغوبة قد تؤثر على نمو العضلات.

✔️ اعتماد زائد على الحليب وصعوبة في إدخال الأعلاف لاحقًا.


لذلك، المعادلة المثالية هي تقديم الكمية المناسبة للعمر والوزن دون إفراط أو تفريط، وهو ما سنوضحه بالتفصيل في الجدول التالي.



البرنامج المثالي لكمية الحليب حسب عمر العجل حتى الفطام :


يتدرج تقديم الحليب للعجول الرضيعة بطريقة مدروسة تضمن النمو السليم دون إجهاد للجهاز الهضمي. ففي الأسبوع الأول تُقدَّم كمية تتراوح بين 1 إلى 1.5 كيلوغرام في كل وجبة بمعدل وجبتين يوميًا، ليصل الإجمالي اليومي إلى 2 أو 3 كيلوغرامات. ومع دخول الأسبوع الثاني تُرفع الكمية إلى 2 أو 2.5 كيلوغرام في الوجبة الواحدة، أي ما يعادل 4 إلى 5 كيلوغرامات يوميًا. أما في الأسبوعين الثالث والرابع فتصل الكمية إلى 3 كيلوغرامات لكل وجبة بمجموع 6 كيلوغرامات يوميًا، وهو ذروة الاستهلاك في برنامج الرضاعة.


 ابتداءً من الأسبوع الخامس وحتى السادس تبدأ الكمية بالانخفاض إلى 2.5 كيلوغرام في الوجبة، ليصبح الإجمالي 5 كيلوغرامات يوميًا، ثم تستمر في الانخفاض التدريجي خلال الأسبوعين السابع والثامن إلى 2 كيلوغرام في الوجبة الواحدة بإجمالي 4 كيلوغرامات يوميًا. ومع تقدم العجل في العمر تقل الكميات أكثر خلال الأسبوعين التاسع والعاشر إلى 1.5 كيلوغرام في الوجبة الواحدة، بينما تنخفض في الأسبوع الحادي عشر إلى 1 كيلوغرام فقط لكل وجبة، بإجمالي يومي لا يتجاوز 2 كيلوغرام.


وفي الأسبوع الثاني عشر تُقدَّم كمية رمزية لا تتعدى نصف كيلوغرام في كل وجبة، ليصل مجموع الاستهلاك اليومي إلى 1 كيلوغرام فقط، تمهيدًا للفطام الكامل الذي يتم في الأسبوع الثالث عشر بإيقاف الحليب نهائيًا. هذا التدرج المدروس لا يهدف فقط إلى تغذية العجل، بل يعوّده ذهنيًا وجسديًا على الانتقال السلس من الاعتماد على الحليب إلى تناول الأعلاف الصلبة. وتجدر الإشارة إلى أن الكيلوغرام من الحليب يُعادل تقريبًا الليتر نفسه، نظرًا لتقارب الكثافة بينهما، مما يسهّل على المربين عملية القياس سواء بالوزن أو الحجم دون فرق يُذكر.



 كيف يتم تقديم الحليب للعجول بالشكل الصحيح؟


هناك ثلاث طرق متعارف عليها:


1. الرضاعة المباشرة من الأم

   وهي الطريقة الطبيعية والأكثر استخدامًا في المزارع الصغيرة، لكنها تجعل العجل مرتبطًا بالبقرة وتقلل من إمكانية التحكم في كمية الحليب بشكل دقيق.


2. التقديم عبر دلو مفتوح

   يُملأ الدلو بالحليب ويُقدَّم مباشرة للعجل، وهي طريقة سهلة لكنها قد تسبب تلوثًا إذا لم يُغسل الدلو جيدًا.


3. دلو مزود بزجاجة صناعية (حلمة مطاطية)

   وهي الطريقة الأنسب لضمان التدفق البطيء الذي يحاكي الرضاعة الطبيعية، وتقلل من خطورة دخول الحليب إلى الرئة.



هل يمكن تقديم بديل الحليب بدل الحليب الطبيعي؟


نعم، يمكن استخدام حليب المجفف (Milk Replacer)، خصوصًا في المزارع التي ترغب في توفير حليب الأبقار الطبيعي للبيع أو في حال ضعف إدرار الأم. بشرط اختيار منتج عالي الجودة يحتوي على:


✔️ نسبة بروتين لا تقل عن 20%.

✔️ نسبة دهون بين 18 و22%.

✔️ خلوه من البروتينات النباتية منخفضة الهضم مثل الصويا غير المعالجة.



 متى نبدأ بتقديم الأعلاف الصلبة للعجول الرضيعة؟


على عكس ما يعتقده البعض، إدخال الأعلاف لا يجب أن ينتظر الفطام، بل يبدأ تدريجيًا من الأسبوع الثاني عبر تقديم:


* حفنة صغيرة من القش الجاف النظيف.

* كمية قليلة من العلف المركز (Starter Feed) المخصص للعجول.


الهدف من ذلك هو تحفيز نمو الكرش (الجزء الأكبر من معدة العجل البالغ)، لأن العجل إذا اعتمد على الحليب فقط لفترة طويلة، سيتأخر جهازه الهضمي في التطور، مما يؤدي إلى فطام صعب وربما فقدان وزن مؤقت.



 كيف تعرف أن العجل أصبح جاهزًا للفطام؟


هناك ثلاث علامات رئيسية يجب توفرها:


1. تناول 1 كغ على الأقل من العلف المركز يوميًا بشكل منتظم.

2. ظهور حركة مضغ العلف بشكل جيد دون صعوبة.

3. عدم وجود إسهالات أو اضطرابات هضمية.


عند توفر هذه الشروط، يمكن البدء في تقليل الحليب تدريجيًا وفق البرنامج المذكور.



نصائح ذهبية لضمان رضاعة ناجحة دون مشاكل:


* استخدم ماء دافئ (40 درجة مئوية) عند إذابة بديل الحليب.

* لا تترك الحليب في الدلو لفترة طويلة كي لا يتخمر ويتلف.

* تأكد من ثبات درجة حرارة الحليب في كل وجبة، لأن التغير المفاجئ قد يسبب إسهالات.

* احرص على تثبيت مواعيد الرضاعة، فقد أثبتت الدراسات أن العجول التي ترضع في نفس التوقيت يوميًا تحقق نموًا أفضل.

* لا تضف مضادات حيوية أو فيتامينات مع الحليب إلا إذا نصح الطبيب بذلك، حتى لا تتخمر في الأمعاء.



 الفرق بين نظامين شائعين لتغذية العجول بالحليب :


يُقسم المربون برامج تغذية العجول بالحليب إلى نظامين رئيسيين؛ الأول هو نظام الحليب المكثف الذي يعتمد على تقديم كمية كبيرة من الحليب تتراوح بين 8 إلى 10 كيلوغرامات يوميًا خلال الأسابيع الأربعة الأولى. يتميز هذا النظام بسرعة نمو العجول بشكل ملحوظ، مما يجعله خيارًا مناسبًا للمربين الذين يرغبون في تحقيق وزن مبكر مرتفع. إلا أن هذا الأسلوب يحمل بعض السلبيات، أبرزها ارتفاع التكلفة نتيجة استهلاك كميات كبيرة من الحليب، إلى جانب احتمال تأخر عملية الفطام بسبب اعتماد العجل الزائد على الرضاعة وعدم رغبته في تناول الأعلاف في الوقت المحدد.


في المقابل، هناك نظام الحليب المحدود الذي يُقدَّم فيه ما بين 4 إلى 6 كيلوغرامات يوميًا. ويهدف هذا النظام إلى تحفيز العجل على البدء في تناول الأعلاف الصلبة في عمر مبكر، مما يُسهل عملية الفطام ويُسرع من تطور الكرش. ورغم أن هذا النظام اقتصادي أكثر ويُشجع على الاعتماد المبكر على العلف، إلا أنه قد ينتج عنه بطء في النمو إذا لم تتوفر الأعلاف الجيدة بالكميات الكافية. لذلك، يُنصح باتباع نظام متوازن يجمع بين الفائدتين، عبر تقديم كمية معتدلة من الحليب مع إدخال العلف في الوقت المناسب لضمان نمو صحي وتكلفة معقولة.



ماذا يحدث إذا قللنا كمية الحليب قبل الموعد؟


قد يُخطئ بعض المربين ويخفضون الحليب مبكرًا بهدف التوفير أو تسريع الفطام، وهذا خطأ كبير. فالعجل الذي يتعرض لنقص التغذية خلال أول شهرين يصبح:


✔️ أكثر عرضة للأمراض.

✔️ بطيء النمو في المستقبل.

✔️ غير قادر على تحويل الأعلاف بكفاءة.


لذلك، التوفير الحقيقي ليس في تقليل الحليب بل في تقليل فترة الاضطرابات بعد الفطام عبر إعداد العجل مبكرًا لتناول الأعلاف.



 خلاصة وتوصيات نهائية :


✔️ لا يوجد برنامج واحد يناسب جميع العجول، لكن الجدول الذي عرضناه هو الأنسب لغالبية السلالات المتوسطة الحجم.


✔️الاهتمام بنظافة الحليب والأدوات أهم من الكمية نفسها.


✔️ بدء تقديم الأعلاف من الأسبوع الثاني هو مفتاح الفطام السريع والناجح.


✔️التقليل التدريجي للحليب أفضل بكثير من القطع المفاجئ.


إذا التزم المربي بهذه التوصيات، فسيصل إلى عجل مفطوم قوي، بصحة ممتازة، ومهيأ للنمو السريع بأقل التكاليف.

المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق