الحكومة تخصص 12.8 مليار درهم لدعم مربي الماشية بالمغرب لإنعاش القطاع الحيواني
في خطوة غير مسبوقة تعكس التزام الدولة بدعم الفلاحين وتحسين أوضاع مربي الماشية، أعلن وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، عن انطلاق عملية صرف الدعم المباشر لفائدة مربي الماشية بالتزامن مع استكمال عملية ترقيم القطيع الوطني. ويأتي هذا القرار في إطار رؤية حكومية شاملة تهدف إلى تحقيق العدالة في توزيع الدعم، وتحفيز المربين على الحفاظ على ثروتهم الحيوانية التي تمثل ركيزة أساسية للأمن الغذائي الوطني.
أكد الوزير خلال الندوة الصحافية التي أعقبت اجتماع المجلس الحكومي أن عملية صرف الدعم ستتم بناءً على نتائج الإحصاء الوطني للقطاع، الذي نُفذ في جميع جهات المملكة ما بين 26 يونيو و11 غشت 2025. وقد أتاح هذا الإحصاء قاعدة بيانات دقيقة تُمكن من تحديد المستفيدين بدقة وضمان توجيه الدعم إلى الفلاحين الحقيقيين، وخاصة الصغار منهم الذين يشكلون العمود الفقري للقطاع الفلاحي بالمغرب.
وأشار أحمد البواري إلى أن الميزانية الإجمالية للبرنامج تبلغ حوالي 12.8 مليار درهم، وهي ميزانية غير مسبوقة في تاريخ دعم تربية الماشية بالمغرب. وتهدف هذه الموارد المالية إلى تقديم دعم مباشر للكسابة الصغار الذين يمثلون أكثر من 90 في المائة من مجموع المربين. ويركز البرنامج على تمكينهم من مواجهة تقلبات السوق وظروف الجفاف وارتفاع أسعار الأعلاف، بما يعزز استقرار إنتاج اللحوم والحليب ومشتقاتهما.
أوضح الوزير أن البرنامج يرتكز على نوعين من الدعم المباشر. الأول مخصص لاقتناء الأعلاف، والثاني منحة للحفاظ على إناث الأغنام والماعز الموجهة للتوالد. ويتم توزيع الدعم الخاص بالأعلاف بشكل تنازلي حسب عدد رؤوس الماشية المرقّمة، لضمان استفادة أكبر للمربين الصغار الذين يملكون أعداداً محدودة من الماشية.
وتتراوح قيمة الدعم بين 150 و75 درهماً للرأس بالنسبة للأغنام، و100 إلى 50 درهماً للرأس بالنسبة للماعز، بينما يحصل مربو الأبقار والإبل على دعم يتراوح بين 400 و150 درهماً للرأس. ويُعد هذا النظام الجديد تحولاً مهماً مقارنة بالطريقة السابقة التي كانت تعتمد على دعم الأعلاف بشكل جماعي، إذ يمنح المربين حرية أكبر في اختيار الأعلاف المناسبة لحاجاتهم الفعلية.
من أبرز مكونات البرنامج المنحة الخاصة بالحفاظ على إناث الأغنام والماعز، التي تهدف إلى تشجيع المربين على الاهتمام بالإناث لما لها من دور محوري في إعادة تشكيل القطيع الوطني وضمان استمراريته. وتبلغ قيمة هذه المنحة 400 درهم لكل أنثى من الأغنام و300 درهم لكل أنثى من الماعز، وهو ما يعكس أهمية البعد الإنتاجي والاستدامة في هذه السياسة الحكومية.
في ما يتعلق بآلية صرف الدعم، أوضح الوزير أن العملية ستتم على مرحلتين.
الدفعة الأولى ستنطلق بداية من شهر نونبر 2025، وتشمل دعم الأعلاف إضافة إلى تسبيق بقيمة 100 درهم لكل أنثى من الأغنام والماعز ضمن المنحة المخصصة للحفاظ على الإناث. وتشمل هذه المرحلة جميع المربين الذين استكملوا عملية وضع الحلقات التعريفية لقطعانهم، وهي العملية التي بلغت إلى حدود اليوم أكثر من 50 بالمائة ومن المنتظر أن تكتمل خلال الأسابيع المقبلة.
أما الدفعة الثانية فستبدأ في فاتح أبريل 2026، وتشمل المبلغ المتبقي من المنحة، أي 300 درهم لإناث الأغنام و200 درهم لإناث الماعز. وسيتم تحويل هذه المبالغ مباشرة إلى الحسابات البنكية للمستفيدين في إطار نظام مالي مؤمن وشفاف.
وشدد الوزير على أن البرنامج يُنفذ في إطار تنسيق محكم بين وزارة الفلاحة ووزارة الاقتصاد والمالية ووزارة الداخلية، وبتعاون مع الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين التابع لصندوق الإيداع والتدبير (CDG). وقد تم إحداث آلية رقمية متطورة لتدبير وصرف الدعم، تستند إلى قاعدة البيانات الوطنية للمربين، ما يضمن الشفافية في تحديد المستفيدين وعدالة توزيع الدعم.
ولتيسير التواصل مع المربين وضمان فعالية العملية، تم إنشاء مركز اتصال خاص لتلقي استفسارات مربي الماشية وتقديم التوضيحات حول طرق صرف الدعم ومعالجة الإشكالات المحتملة. كما ستعمل المصالح الخارجية لوزارة الفلاحة على تجميع الشكايات يومياً وإحالتها على اللجان المحلية التي يرأسها الولاة والعمال للنظر فيها واتخاذ القرارات المناسبة.
أكد وزير الفلاحة في ختام تصريحاته أن الهدف من هذا البرنامج هو تحقيق توزيع عادل ومباشر للدعم بما يضمن تحسين دخل الكسابة ودعم صمودهم في وجه التحديات المناخية والاقتصادية. كما أشار إلى أن هذه الخطوة تمثل لبنة أساسية في مسار تحديث القطاع الحيواني وتعزيز دوره في التنمية القروية المستدامة.
فمن خلال هذا الدعم الاستراتيجي، تسعى الحكومة إلى بناء نموذج تنموي فلاحي جديد قائم على العدالة الاجتماعية، والابتكار في تدبير الموارد، وتحفيز المربين على تحسين إنتاجيتهم وجودة منتجاتهم، بما ينعكس إيجاباً على الأمن الغذائي والاقتصاد الوطني.
.jpg)