سلالة دجاج الليجهورن : أصلها ومميزاتها وإنتاجها وخصائصها التي جعلتها أشهر سلالات البيض في العالم
تعد سلالة دجاج الليجهورن واحدة من أشهر السلالات المنتجة للبيض على مستوى العالم، وقد اكتسبت هذه المكانة بفضل قدرتها الإنتاجية العالية، وقابليتها الكبيرة للتأقلم مع مختلف أنظمة التربية، إضافة إلى طبيعتها النشيطة ووزنها الخفيف. وقد أصبحت اليوم السلالة الأولى التي تعتمد عليها مشاريع إنتاج البيض في أغلب الدول، سواء داخل المزارع التجارية الكبيرة أو عند صغار المربين.
في هذا المقال المفصل سنقدم نظرة شاملة عن سلالة دجاج الليجهورن، أصلها، أهم مميزاتها، صفاتها الإنتاجية، طرق تربيتها، إضافة إلى العوامل التي جعلتها تتصدر قطاع إنتاج البيض حول العالم. الهدف هو تقديم مرجع متكامل يساعد المربين والمهتمين على فهم هذه السلالة ومعرفة الطريقة المثلى للاستفادة من إمكاناتها.
مقدمة عن سلالة دجاج الليجهورن:
يعتبر دجاج الليجهورن رمزًا من رموز الإنتاج التجاري للبيض، إذ يتميز بمردود مرتفع يصل في بعض الأحيان إلى أكثر من ثلاثمئة بيضة في السنة الواحدة. وتمتاز إناث الليجهورن بخفة وزنها وقلة استهلاكها للأعلاف مقارنةً بالكمية الكبيرة التي تنتجها من البيض، إضافة إلى نشاطها الحركي وقوة تحملها للظروف المناخية المختلفة. كما أن مظهرها الخارجي الأنيق جعلها تبرز أيضًا في مسابقات الدواجن في بعض الدول.
هذا المزيج بين الإنتاج والاقتصاد في العلف والتأقلم، إضافة إلى الصفات الوراثية التي تم تطويرها عبر سنوات طويلة من الانتقاء، جعل الليجهورن الخيار الأول لتطوير السلالات المهجنة التجارية المتقدمة التي تنتجها الشركات العالمية.
أصل سلالة دجاج الليجهورن:
منشأ السلالة وتاريخها:
ترجع أصول سلالة دجاج الليجهورن إلى إيطاليا، حيث ظهرت لأول مرة في منطقة ليغوريا الساحلية، ومنها أخذت اسمها. وقد تم تصدير الدجاج الإيطالي الخفيف إلى الولايات المتحدة في بدايات القرن التاسع عشر، وهناك بدأ المربون في تطويره وتحسينه عبر الانتقاء الدقيق والتزاوج المنظم.
شهدت السلالة تحسينات كبيرة في الولايات المتحدة، إذ ركز المربون على تعزيز قدرتها الإنتاجية للبيض، إضافة إلى تحسين بنيتها الجسدية وترسيخ صفات مثل قلة استهلاك العلف وسرعة النمو وخفة الوزن. وبعد سنوات من الانتقاء، أصبحت السلالة الجديدة المعروفة باسم الليجهورن من بين أفضل الدجاجات المنتجة للبيض في العالم.
انتشار السلالة عالميا:
من الولايات المتحدة، انتشرت السلالة بسرعة إلى أوروبا، ثم إلى بقية دول العالم. ومع بداية القرن العشرين أصبحت الليجهورن السلالة الأساسية التي تعتمد عليها شركات إنتاج البيض التجاري، وتم تطوير العديد من الهجن العالمية الشهيرة بالاعتماد على دم هذه السلالة.
واليوم يُربى دجاج الليجهورن في جميع القارات، سواء في التربية المنزلية أو الإنتاج التجاري الواسع، نظرا لقدراته المتميزة على التكيف والتحمل والإنتاج المكثف.
المواصفات الشكلية لدجاج الليجهورن:
الحجم والوزن:
يتميز دجاج الليجهورن بحجمه الصغير وخفة وزنه، وهو ما يمنحه قدرة عالية على النشاط والتحرك والحفاظ على الطاقة. يتراوح وزن الذكر البالغ بين كيلوغرامين إلى كيلوغرامين ونصف، بينما يتراوح وزن الأنثى بين كيلوغرام ونصف إلى اثنين. ويعد هذا الوزن الخفيف أحد أسباب ارتفاع إنتاج البيض لديها، إذ لا تهدر الكثير من الطاقة في تكوين كتلة جسدية كبيرة.
الرأس والعرف:
يمتلك الليجهورن عرفًا أحمر بارزًا كبير الحجم، قد يكون قائمًا أو متدلّيًا حسب الخط الوراثي. ويعتبر العرف عنصرًا مميزًا يساعد على التعرف على السلالة بسهولة. أما الوجه فهو أملس ناعم، وتظهر عليه حلقات الأذن البيضاء الواضحة التي تُعد من أهم العلامات المميزة للسلالة.
الريش والألوان:
توجد عدة ألوان لسلالة الليجهورن، أشهرها اللون الأبيض الذي يتحكم في نسبة كبيرة من خطوط الإنتاج العالمية، إضافة إلى الأسود والبني والمخطط والمبرقش. ومع أن اللون الأبيض هو الأكثر انتشارًا، فإن الألوان الأخرى ما تزال تحتفظ بمكانتها لدى الهواة والمربين التقليديين.
الأرجل والجناحان:
يتميز الليجهورن بأرجل صفراء قوية، لكنها نحيفة ومتناسقة مع حجم الجسم. وبفضل خفة وزنه يمتلك قدرة جيدة على الطيران لمسافات قصيرة والقفز، مما يجعله نشيطًا جدًا داخل الحظيرة وخارجها.
المميزات الإنتاجية لسلالة دجاج الليجهورن:
إنتاج البيض:
تعتبر الليجهورن السلالة رقم واحد في العالم في إنتاج البيض الأبيض. يمكن للدجاجة الواحدة أن تنتج بين مئتين وخمسين إلى ثلاثمئة وخمسين بيضة سنويًا حسب نظام التربية والرعاية. وقد استطاع بعض المربين في نظم تربية متميزة تسجيل أرقام أعلى من ذلك.
ويمتاز بيض الليجهورن بلونه الأبيض النقي وقشرته المتماسكة، إضافة إلى حجمه المتوسط الذي يناسب متطلبات الأسواق العالمية.
النمو السريع:
رغم كون السلالة خفيفة الوزن، فإنها تتميز بسرعة نموها، إذ تصل الإناث إلى مرحلة الإنتاج مبكرًا مقارنةً بسلالات أخرى. وهذا يساهم في تقليص مدة التربية التي تسبق بدء الإنتاج، وبالتالي تقليل تكلفة المشروع.
استهلاك العلف المنخفض:
أبرز ميزة اقتصادية في سلالة الليجهورن هي استهلاكها المنخفض للأعلاف. فبفضل خفة وزنها ونشاطها المرتفع، لا تحتاج إلى كميات كبيرة من الغذاء مقارنة بما تقدمه من إنتاج وفير. وهذا ما يجعلها الخيار الأول للمزارع التجارية.
التحمل والقدرة على التكيف:
تستطيع سلالة الليجهورن التأقلم بسهولة مع أغلب الظروف المناخية، سواء المناخات الحارة أو المعتدلة، إذا ما توفرت لها التهوية الجيدة والماء النظيف. كما تتميز بمقاومة جيدة للأمراض مقارنة بالسلالات الثقيلة.
السلوك والطباع:
الطبيعة النشيطة:
تعرف سلالة الليجهورن بنشاطها الدائم وحركتها المستمرة داخل الحظيرة. فهي تبحث عن الطعام باستمرار، وتحب القفز والطيران الخفيف. وهذا النشاط يساهم في تقليل السمنة والمحافظة على اللياقة، مما ينعكس إيجابًا على إنتاج البيض.
الخوف والحذر:
تعتبر الليجهورن من السلالات الحذرة، وقد تظهر ردود فعل سريعة عند تعرضها لأي حركة مفاجئة. ورغم أنها ليست عدوانية، إلا أنها لا تحب الاقتراب الشديد من البشر إلا إذا كانت معتادة عليهم منذ الصغر.
ضعف غريزة الرقاد:
من المعروف عن إناث الليجهورن أنها لا تفضل الرقاد على البيض مقارنة بسلالات أخرى مثل الساسكس أو الكوشين. ولذلك يعتمد المربون عادة على الحاضنات أو السلالات الأخرى في عملية التفريخ.
طرق تربية دجاج الليجهورن:
التربية في الأقفاص:
تُعد التربية في الأقفاص المخصصة لإنتاج البيض هي الأكثر شيوعًا لهذه السلالة في المزارع الكبيرة. وتساعد هذه الطريقة على مراقبة الإنتاج وضبط استهلاك العلف، إضافة إلى سهولة جمع البيض.
التربية الأرضية:
في المشاريع الصغيرة أو التربية المنزلية، يمكن تربية الليجهورن في نظام أرضي داخل حظائر واسعة. ويفضل أن تتوفر مساحات كافية للحركة، نظرا لنشاطها الكبير.
التربية الحرة:
تحتاج هذه السلالة إلى مساحة للحركة، لذا يمكن تربيتها في نظام التربية الحرة أو نصف الحرة، حيث توفر مساحة خارجية تسمح لها بالبحث عن الغذاء الطبيعي كالحشرات والحبوب المتساقطة.
التغذية المناسبة لدجاج الليجهورن:
تحتاج هذه السلالة إلى نظام غذائي متوازن يوفر لها البروتينات والفيتامينات والمعادن الضرورية لإنتاج البيض بصورة مستمرة. وفيما يلي أهم مراحل التغذية:
تغذية الكتاكيت:
تحتاج الكتاكيت في أسابيعها الأولى إلى نسبة بروتين عالية لضمان النمو السليم وبداية تكوين العظام والعضلات. وتفيد الأعلاف التجارية المتخصصة في هذه المرحلة بشكل كبير.
تغذية الدجاج البياض:
مع دخول مرحلة الإنتاج، يجب أن تتوفر أعلاف تحتوي على نسبة جيدة من الكالسيوم لدعم تكوين قشرة البيض، إضافة إلى مكونات طاقية كالحبوب، وعناصر معدنية تحافظ على الصحة العامة للدجاجة.
الماء النظيف:
الماء عنصر أساسي لا يمكن التغافل عنه، إذ تحتاج الليجهورن إلى مياه نظيفة ومتجددة بشكل دائم، خاصة في الأجواء الحارة.
الفوائد الاقتصادية لتربية دجاج الليجهورن:
تعود أهمية سلالة الليجهورن من الناحية الاقتصادية إلى عدة أسباب، أبرزها الإنتاج الكبير للبيض مع تقليل تكاليف العلف. كما أن فترة نموها القصيرة تمكن المربي من بدء الإنتاج مبكرًا، مما يزيد من مردودية المشروع. ويُضاف إلى ذلك أن الطلب العالمي على البيض الأبيض يجعل تسويق الإنتاج أمرًا سهلاً.
مقارنة بين سلالة الليجهورن والسلالات الأخرى:
مقارنة مع السلالات الثقيلة:
السلالات الثقيلة مثل البراهما والأوربنجتون تعتبر ممتازة لإنتاج اللحم، لكنها غير مناسبة لقطاع البيض التجاري بسبب استهلاكها العالي للعلف وإنتاجها المحدود. وعلى العكس فإن الليجهورن تمتلك أعلى معدل إنتاج مقابل أقل تكلفة.
مقارنة مع السلالات المزدوجة الغرض:
بعض السلالات مثل الساسكس والروك تعطي توازنًا بين اللحم والبيض، لكنها لا تقارن بالليجهورن من حيث عدد البيض أو استهلاك العلف، مما يجعل الأخيرة الخيار الأفضل للإنتاج المكثف.
التحديات التي تواجه مربي سلالة الليجهورن:
رغم أن السلالة قوية الإنتاج وسهلة التربية، إلا أن هناك بعض التحديات التي ينبغي الانتباه لها:
◾ ضعف غريزة الرقاد، مما يستلزم استخدام حاضنات أو سلالات أخرى للفقس.
◾ طبيعتها النشيطة تجعلها تحتاج إلى مساحات للحركة، وإلا قد تُصاب بالتوتر.
◾ حساسيتها للحركات المفاجئة، ما يستدعي الهدوء أثناء التعامل معها.
نصائح لنجاح مشروع تربية الليجهورن:
◾ اختيار كتاكيت ذات جودة وراثية جيدة.
◾ تحقيق توازن غذائي يضمن استمرار الإنتاج.
◾ توفير إضاءة مناسبة، حيث تحتاج إلى ساعات إضاءة طويلة لتحفيز البيض.
◾ الاهتمام بالوقاية الصحية والنظافة المستمرة.
◾ توفير عدد كاف من المعالف والمساقي لمنع التنافس الحاد بين الدجاجات.
مستقبل سلالة الليجهورن:
بفضل تفوقها الوراثي والإنتاجي، ما تزال سلالة الليجهورن هي الأساس الذي تعتمد عليه الشركات العالمية في تطوير الهجن الجديدة عالية الإنتاج. ومن المتوقع أن يستمر تحسن هذه السلالة عبر برامج الانتقاء، مما يجعلها الخيار الأول لسنوات طويلة قادمة.
خاتمة :
تظل سلالة دجاج الليجهورن واحدة من أهم السلالات في العالم، بفضل إنتاجها الغزير للبيض، وخفة وزنها، وقلة استهلاكها للعلف، وسهولة تربيتها. وقد تمكنت من الحفاظ على مكانتها المتقدمة لكونها تلائم المشاريع الكبيرة والصغيرة على حد سواء، مما يجعلها خيارًا مثاليًا للمربين الباحثين عن مردودية عالية واستثمار ناجح. و إذا كنت تبحث عن سلالة قوية الإنتاج وقليلة التكلفة وسهلة التسيير، فإن دجاج الليجهورن يظل الخيار الأمثل لتحقيق مشروع ناجح ومستقر في قطاع إنتاج البيض.



